فصل: تفسير الآيات (1- 2):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (75):

{وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)}
أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم توفي على أربعة منازل. مؤمن مهاجر، والأنصار، وأعرابي مؤمن لم يهاجر، إن استنصره النبي نصره، وإن تركه فهو إذن له، وإن استنصر النبي صلى الله عليه وسلم كان حقاً عليه أن ينصره، وذلك {استنصروكم في الدين فعليكم النصر} [ الأنفال: 72]، والرابعة التابعين بإحسان».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه. مثله.
وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن الزبير بن العوّام قال: أنزل الله فينا خاصة معشر قريش والأنصار {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض} وذلك أنا معشر قريش لما قدمنا المدينة، قدمنا ولا أموال لنا فوجدنا الأنصار نعم الإِخوان فواخيناهم وتوارثنا، فآخى أبو بكر رضي الله عنه خارجة بن زيد، وآخى عمر رضي الله عنه فلاناً، وآخى عثمان رضي الله عنه رجلاً من بني زريق بن سعد الزرقي. قال الزبير: وواخيت أنا كعب بن مالك، ووارثونا ووارثناهم فلما كان يوم أحد قيل لي، قتل أخوك كعب بن مالك فجئته فانتقلته فوجدت السلاح قد ثقله فيما نرى، فوالله يا بني لو مات يومئذ عن الدنيا ما ورثه غيري حتى أنزل الله هذه الآية فينا معشر قريش والأنصار خاصة، فرجعنا إلى مواريثنا.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن الزبير أنه كتب إلى شريح القاضي: إنما نزلت هذه الآية أن الرجل كان يعاقد الرجل يقول: ترثني وأرثك، فنزلت {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} فلما نزلت ترك ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما. أنه قيل له: أن ابن مسعود رضي الله عنه لا يورث الموالي دون الأرحام، ويقول: إن ذوي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله. فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هيهات هيهات. أين ذهب، إنما كان المهاجرون يتوارثون دون الأعراب، فنزلت {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} يعني أنه يورث المولى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} قال: نسخت هذه الآية ما كان قبلها من مواريث العقد والحلف والمواريث بالهجرة، وصارت لذوي الأرحام قال: والابن أولى من الأخ، والأخ أولى من الأخت، والأخت أولى من ابن الأخ، وابن الأخ أولى من العم، والعم أولى من ابن العم، وابن العم أولى من الخال، وليس للخال ولا العمة ولا الخالة من الميراث نصيب في قول زيد، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعطي ثلثي المال للعمة والثلث للخالة إذا لم يكن له وارث، وكان علي وابن مسعود يردان ما فضل من الميراث على ذوي الأرحام على قدر سهمانهم غير الزوج والمرأة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: كان لا يرث الأعرابي المهاجر حتى أنزل الله: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: توارثت المسلمون لما قدموا المدينة بالهجرة، ثم نسخ ذلك فقال: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}.
وأخرج الطيالسي والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنما قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وورث بعضهم من بعض حتى نزلت هذه الآية {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} فتركوا ذلك وتوارثوا بالنسب.

.سورة التوبة:

.تفسير الآيات (1- 2):

{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2)}
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين} إلى أهل العهد خزاعة ومدلج ومن كان له عهد وغيرهم، أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك حين فرغ منها فأراد الحج، ثم قال: «إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك، فأرسل أبا بكر رضي الله عنه وعلياً رضي الله عنه فطافا في الناس بذي المجاز وبأمكنتهم التي كانوا يبيعون بها وبالموسم كله، فآذنوا أصحاب العهد أن يأمنوا أربعة أشهر وهي الأشهر الحرم المنسلخات المتواليات، عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر تخلو من ربيع الأوّل، ثم عهد لهم وآذن الناس كلهم بالقتال إلى أن يموتوا».
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند وأبو الشيخ وابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال: «لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلى الله عليه وسلم دعا أبا بكر رضي الله عنه ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني فقال لي: أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه، ورجع أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله نزل فيّ شيء؟ قال: لا، ولكن جبريل جاءني فقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم ببراءة مع أبي بكر رضي الله عنه، ثم دعاه فقال: لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي، فدعا علياً فأعطاه إياه».
وأخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر رضي الله عنه ببراءة إلى أهل مكة، ثم بعث علياً رضي الله عنه على أثره فأخذها منه، فكأن أبا بكر رضي الله عنه وجد في نفسه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر أنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علياً رضي الله عنه بأربع: لا يطوفن بالبيت عريان، ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى عهده، وإن الله ورسوله بريء من المشركين».
وأخرج أحمد والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت مع علي رضي الله عنه حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علياً رضي الله عنه بأربع.
لا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى عهده، وأن الله ورسوله بريء من المشركين.
وأخرج أحمد والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «كنت مع علي رضي الله عنه حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة، فكنا ننادي أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فإن أمره أو أجله إلى أربعة أشهر فإذا مضت الأربعة أشهر فإن الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحج هذا البيت بعد العام مشرك».
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن المسيب رضي الله عنه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه أمره أن يؤذن ببراءة في حجة أبي بكر فقال أبو هريرة: ثم اتبعنا النبي صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه، أمره أن يؤذن ببراءة وأبو بكر رضي الله عنه على الموسم كما هو، أو قال: على هيئته.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل أبا بكر رضي الله عنه على الحج، ثم أرسل علياً رضي الله عنه ببراءة على أثره، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم المقبل، ثم خرج فتوفي، فولي أبو بكر رضي الله عنه فاستعمل عمر رضي الله عنه على الحج، ثم حج أبو بكر رضي الله عنه من قابل ثم مات، ثم ولي عمر رضي الله عنه فاستعمل عبد الرحمن بن عوف على الحج، ثم كان يحج بعد ذلك هو حتى مات، ثم ولي عثمان رضي الله عنه فاستعمل عبد الرحمن بن عوف على الحج، ثم كان يحج حتى قتل».
وأخرج ابن حبان وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه يؤدي عنه براءة، فلما أرسله بعث إلى علي رضي الله عنه فقال: يا علي إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو أنت، فحمله على ناقته العضباء فسار حتى لحق بأبي بكر رضي الله عنه فأخذ منه براءة، فأتى أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخله من ذلك مخافة أن يكون قد أنزل فيه شيء، فلما أتاه قال: ما لي يا رسول الله؟! قال: «خير أنت أخي وصاحبي في الغار وأنت معي على الحوض، غير أنه لا يبلغ عني غيري أو رجل مني».
وأخرج ابن مردويه عن أبي رافع رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه ببراءة إلى الموسم، فأتى جبريل عليه السلام فقال: إنه لن يؤديها عنك إلا أنت أو رجل منك، فبعث علياً رضي الله عنه على أثره حتى لحقه بين مكة والمدينة، فأخذها فقرأها على الناس في الموسم.
وأخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بعثني أبو بكر رضي الله عنه في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذن بمنى: أن لا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ثم أردف النبي صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأمره أن يؤذن ببراءة فأذن معنا علي رضي الله عنه في أهل منى يوم النحر ببراءة: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان».
وأخرج الترمذي وحسنه وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر رضي الله عنه وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات، ثم أتبعه علياً رضي الله عنه وأمره أن ينادي بها، فانطلقا فحجا فقام علي رضي الله عنه في أيام التشريق فنادى {أن الله بريء من المشركين ورسوله فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} ولا يَحُجَّنَّ بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن. فكان علي رضي الله عنه ينادي بها».
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه وابن المنذر والنحاس والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن زيد بن تبيع رضي الله عنه قال: سألنا علياً رضي الله عنه بأي شيء بعثت مع أبي بكر رضي الله عنه في الحج؟ قال: بعثت بأربع. لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع مؤمن وكافر بالمسجد الحرام بعد عامه هذا، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر.
وأخرج إسحاق بن راهويه والدارمي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن جابر رضي الله عنه أن النبي بعث أبا بكر على الحج، ثم أرسل علياً رضي الله عنه ببراءة.
فقرأها على الناس في موقف الحج حتى ختمها.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة رضي الله عنه قال «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميراً على الناس سنة تسع وكتب له سنن الحج، وبعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بآيات من براءة فأمره أن يؤذن بمكة وبمنى وعرفة وبالمشاعر كلها: بأنه برئت ذمة رسوله من كل مشرك حج بعد العام، أو طاف بالبيت عريان، وأجل من كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد أربعة أشهر، وسار علي رضي الله عنه على راحلته في الناس كلهم يقرأ عليهم القرآن {براءة من الله ورسوله} وقرأ عليهم {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [ الأعراف: 31] الآية».
وأخرج أبو الشيخ عن علي رضي الله عنه قال «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ببراءة، فقلت: يا رسول الله تبعثني وأنا غلام حديث السن، واسأل عن القضاء ولا أدري ما أجيب؟ قال: ما بد من أن تذهب بها أو أذهب بها. قلت: إن كان لا بد فأنا أذهب. قال: انطلق فأن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك، ثم قال: انطلق فاقرأها على الناس».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {براءة من الله ورسوله...} الآية. قال: حدَّ الله للذين عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشهر يسيحون فيها حيث شاؤوا، وحد أجل من ليس له عهد انسلاخ الأربعة الأشهر الحرم من يوم النحر إلى انسلاخ الحرم خمسين ليلة، فإذا انسلخ الأشهر الحرم أمره أن يضع السيف فيمن عاهد إن لم يدخلوا في الإِسلام ونقض ما سمى لهم من العهد والميثاق، وإن ذهب الشرط الأوّل {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام} [ التوبة: 4] يعني أهل مكة.
وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان لقوم عهود فأمر الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤجلهم أربعة أشهر يسيحون فيها ولا عهد لهم بعد ما وأبطل ما بعدها، وكان قوم لا عهود لهم فأجلهم خمسين يوماً، عشرين من ذي الحجة والمحرم كله، فذلك قوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [ التوبة: 5] قال: ولم يعاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية أحداً.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {براءة من الله ورسوله} قال: برئ إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من عهودهم كما ذكر الله عزَّ وجلَّ.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس عن الزهري رضي الله عنه {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} قال: نزلت في شوّال فهي الأربعة أشهر شوّال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم.